عرض مشاركة واحدة
قديم 30 - 8 - 2012, 08:58 AM   #4

همس المشاعر
• مراقبه عامه •
افتراضي رد: لماذا مشى النبي صلى الله عليه وسلم على أطراف قدميه




قصة ثعلبة الذي رأى امرأة تغتسل فمات من خوف الله



السؤال
: أود التأكد من صحة قصة سمعتها ، وعلى القول بضعفها هل يجوز حكايتها ؛

لأن في حكايتها أثراً طيباً في نفوس الناس ،وهل يلزمني عند حكايتها توضيح ضعفها ؟


والقصة هي " ثعلبة بن عبد الرحمن ، كان غلاما يتيما من الأنصار ، لا يتجاوز عمره

ست عشرة سنة ،كان يكثر الجلوس عند النبي صلى الله عليه وسلم ، فأرسله يوما في

حاجة له من أسواق المدينة ، فمر ببيت من بيوت الأنصار ، فنظر إلى باب البيت فإذا

بباب البيت مفتوحا ، وإذا بستر مرخى على حمام ، فجاءت الريح فحركت الستر ، فإذا

وراء الستر امرأة تغتسل ، فنظر إليها نظرة أو نظرتين ثم أفاق واستعظم الأمر ،

وخشي من نزول آيات فيه ، وذكره مع المنافقين لهذا الذنب ، فخشي أن يرجع عند

النبي صلى الله عليه وسلم ، فخرج في الصحراء ما يدرون أين ذهب ، فلما تأخر

عليه ثلاثة أيام أمر بعض الصحابة أن ... " ؟




الجواب
: الحمد لله

القصة المذكورة في السؤال مختصرة من قصة مطولة ، تُروى عن جابر بن

عبد الله رضي الله عنهما قال :



إن فتى من الأنصار يقال له ثعلبة بن عبد الرحمن أسلم ،فكان يخدم النبي صلى الله

عليه وسلم ، بعثه في حاجة ، فمر بباب رجل من الأنصار ، فرأى امرأة الأنصاري

تغتسل ، فكرر النظر إليها ، وخاف أن ينزل الوحي على رسول الله صلى الله عليه

وسلم ، فخرج هاربا على وجهه ، فأتى جبالا بين مكة والمدينة فولجها ، ففقده


رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعين يوما ، وهي الأيام التي قالوا ودعه ربه

وقلى ، ثم إن جبريل عليه السلام نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال :

يا محمد ! إن ربك يقرأ عليك السلام ويقول : إن الهارب من أمتك بين هذه الجبال

يتعوذ بي من ناري . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا عمر ويا سلمان !

انطلقا فأتياني بثعلبة بن عبد الرحمن ، فخرجا في أنقاب المدينة ، فلقيهما راع من

رعاء المدينة يقال له : ذفافة . فقال له عمر : يا ذفافة ! هل لك علم بشاب بين

هذه الجبال ؟فقال له ذفافة لعلك تريد الهارب من جهنم ؟فقال له عمر :وما علمك

أنه هارب من جهنم ؟ قال : لأنه إذا كان جوف الليل خرج علينا من هذه الجبال

واضعا يده على رأسه وهو يقول : يا ليتك قبضت روحي في الأرواح ، وجسدي

في الأجساد ولم تجردني في فصل القضاء . قال عمر : إياه نريد . قال : فانطلق

بهم رفاقة ، فلما كان في جوف الليل خرج عليهم من بين تلك الجبال واضعا يده

على أم رأسه وهو يقول : يا ليتك قبضت روحي في الأرواح ، وجسدي في

الأجساد ، ولم تجردني لفصل القضاء . قال : فعدا عليه عمر فاحتضنه فقال :

الأمان الخلاص من النار . فقال له عمر : أنا عمر بن الخطاب فقال : يا عمر !

هل علم رسول الله صلى الله عليه وسلم بذنبي ؟ قال : لا علم لي إلا أنه ذكرك

بالأمس فبكى رسول الله صلى الله عليه وسلم . يا عمر ! لا تدخلني عليه

إلا وهو يصلي ، وبلال يقول : قد قامت الصلاة . قال : أفعل . فأقبلا به إلى

المدينة ، فوافقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في صلاة الغداة ، فبدر

عمر وسلمان الصف ، فما سمع قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى

خر مغشيا عليه ، فلما سلم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يا عمر

ويا سلمان ! ما فعل ثعلبة بن عبد الرحمن ؟ قالا : هو ذا يا رسول الله . فقام

رسول الله صلى الله عليه وسلم قائما فقال : ثعلبة ! قال:لبيك يا رسول الله !

فنظر إليه فقال : ما غيَّبك عني ؟ قال : ذنبي يا رسول الله . قال : أفلا أدلك

على آية تكفر الذنوب والخطايا ؟ قال : بلى يا رسول الله ! قال : قل : اللهم

آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار . قال : ذنبي أعظم

يا رسول الله ! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : بل كلام الله أعظم .

ثم أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم بالانصراف إلى منزله . فمرض

ثمانية أيام ، فجاء سلمان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال :

يا رسول الله ! هل لك في ثعلبة نأته لما به ؟ فقال رسول الله صلى الله

عليه وسلم : قوموا بنا إليه . فلما دخل عليه أخذ رسول الله صلى الله

عليه وسلم رأسه فوضعه في حجره ، فأزال رأسه عن حجر رسول الله

صلى الله عليه وسلم . فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : لم أزلت

رأسك عن حجري ؟ قال : إنه من الذنوب ملآن . قال : ما تجد ؟ قال :

أجد مثل دبيب النمل بين جلدي وعظمي . قال : فما تشتهي ؟ قال : مغفرة

ربي . قال : فنزل جبريل عليه السلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم

فقال : إن ربك يقرأ عليك السلام ويقول : لو أن عبدي هذا لقيني بقراب

الأرض خطيئة لقيته بقرابها مغفرة . فقال له رسول الله صلى الله عليه

وسلم : أفلا أعلمه ذلك ؟ قال : بلى . فأعلَمَه رسول الله صلى الله عليه

وسلم بذلك . فصاح صيحة فمات . فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم

بغسله وكفنه وصلى عليه ، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي

على أطراف أنامله ، فقالوا : يا رسول الله ! رأيناك تمشي على أطراف

أناملك ؟ قال : والذي بعثني بالحق نبيا ما قَدِرت أن أضع رجلي على

الأرض من كثرة أجنحة مَن نزل لتشييعه من الملائكة .




رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء"(9/329-331) وفي"معرفة الصحابة"

(1/498) – ومن طريقه ابن الجوزي في "الموضوعات" (3/121) .

ورواه الخرائطي في "اعتلال القلوب" (272) ، ومن طريقه ابن قدامة

في "التوابين" (105-108).


ورواه أبو عبد الرحمن السلمي في "طبقات الصوفية" (ص/51) .

وابن مندة مختصرا - كما في " الإصابة " لابن حجر (1/405) -:

جميعهم من طريق : سليم بن منصور بن عمار ، ثنا أبي ، عن المنكدر بن

محمد بن المنكدر ، عن أبيه ، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما...فذكر

القصة .


إلا أن رواية الخرائطي ليس فيها ذكر قوله تعالى : (مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى).



وهذا الحديث ضعيف ، فيه عدة علل :



أولا : سليم بن منصور بن عمار لم يوثقه أحد من أهل العلم توثيقا صريحا .

قال ابن أبي حاتم رحمه الله :

"روى عنه أبي ، وسألته عنه فقلت : أهل بغداد يتكلمون فيه ؟ فقال : مه ،

سألت ابن أبى الثلج عنه فقلت له : إنهم يقولون : كتب عن ابن علية وهو

صغير ؟فقال : لا ،كان هو أسن منا" انتهى "الجرح والتعديل" (4/216) .


وقال الذهبي رحمه الله : "تُكُلِّم فيه ولم يُتْرَك" انتهى .

"المغني في الضعفاء" (1/285) .


وقد ذكر بعض أهل العلم أنَّ له متابعا ، ولكنها متابعة ضعيفة أيضا .

قال ابن عراق رحمه الله "سُليم توبع ، فقد رواه عثمان بن عمر الدراج

في جزئه فقال : حدثنا أبو نصر أحمد بن محمد بن هشام الطالقاني ،

حدثني جدي ،حدثنا منصور بن عمار .وهذا الطالقاني ما عرفته" انتهى .

"تنزيه الشريعة" (1/349) .



ثانيا : منصور بن عمار الواعظ .

كان إليه المنتهى في بلاغة الوعظ ، وترقيق القلوب ، وتحريك الهمم ،

وعظ ببغداد والشام ومصر ، وبعد صيته واشتهر اسمه .


قال أبو حاتم : ليس بالقوي . وقال ابن عدي : منكر الحديث . وقال

العقيلي : فيه تجهم . وقال الدارقطني : يروي عن الضعفاء أحاديث

لا يتابع عليها . انظر: "ميزان الاعتدال" (4/187-188) .



ثالثا : المنكدر بن محمد بن المنكدر

قال ابن عيينة : لم يكن بالحافظ . وعن يحيى بن معين : ليس بشيء .

وقال مرة : ليس به بأس . وقال أبو زرعة : ليس بالقوي . وقال أبو

حاتم : كان رجلا لا يفهم الحديث ، وكان كثير الخطأ ، لم يكن بالحافظ

لحديث أبيه . وقال الجوزجاني والنسائي : ضعيف . ولخص الحافظ

ابن حجر في "التقريب" الحكم عليه فقال : لين الحديث .

انظر: "تهذيب التهذيب" (10/318) .



رابعا : وفي الحديث علة في المتن أيضا :

فالآية المذكورة في الحديث : (مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى) الضحى/3 ،

نزلت في مكة قبل الهجرة ، وفي هذا الحديث ما يدل على نزولها في

المدينة بعد الهجرة ، وهذه مخالفة منكرة .


وقد حكم عليه ابن الجوزي رحمه الله بأنه موضوع فقال :

"هذا حديث موضوع شديد البرودة ، ولقد فضح نفسه من وضعه بقوله

( وذلك حين نزل عليه : مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى ) وهذا إنما أنزل عليه

بمكة بلا خلاف ، وليس في الصحابة من اسمه ذفافة ، وقد اجتمع في

إسناده جماعة ضعفاء ، منهم : المنكدر ، قال يحيى : ليس بشيء .

وقال ابن حبان : كان يأتي بالشيء توهما ، فبطل الاحتجاج بأخباره .

ومنهم : سليم بن منصور ، فإنهم قد تكلموا فيه" انتهى .

"الموضوعات" (3/123) ، ووافقه السيوطي في "اللآلئ

المصنوعة" (1/416) .



وقال ابن الأثير رحمه الله "فيه نظر غير إسناده ، فإن قوله تعالى :

(مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى ) نزلت في أول الإسلام والوحي والنبي بمكة ،

والحديث في ذلك صحيح ،وهذه القصة كانت بعد الهجرة فلا يجتمعان"

انتهى . "أسد الغابة" (1/358) .


وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله"قال ابن مندة - بعد أن رواه مختصرا -

تفرد به منصور . قلت – أي الحافظ ابن حجر - : وفيه ضعف ،

وشيخه أضعف منه ، وفي السياق ما يدل على وهن الخبر ؛ لأن نزول

(مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى) كان قبل الهجرة بلا خلاف" انتهى .

"الإصابة" (1/405)، ونقله السخاوي وأقره في "التحفة اللطيفة

في تاريخ المدينة الشريفة" (152).





والحاصل : أن هذه القصة سندها مسلسل بالضعفاء ، وفي متنها

ما يدل على نكارتها ، فلا يجوز روايتها ولا التحديث بها إلا مع بيان

ضعفها ، وكونها تتعلق بالرقائق لا يجيز التساهل في شأنها ، لأن

إسنادها شديد الضعف ، وقد اشترط العلماء الذين أجازوا رواية

الحديث الضعيف في أبواب الرقائق ألا يكون شديد الضعف ، وليس

فيه ما يستنكر .وانظر لمزيد الفائدة جواب السؤال رقم (44877)



والله أعلم .



المصدر : موقع الإسلام سؤال وجواب




لهذا يُغلق الموضوع ..










آخر مواضيعي