![]() |
#1 | ||||
|
![]()
الغضب وإن كانت حقيقته جمرة تشعل النيران في القلب ، فتدفع صاحبها إلى قول أو فعل ما يندم عليه ، فهو عند النبي صلى الله عليه وسلم قولٌ بالحق ، وغيرةٌ على محارم الله ، ودافعه دوماً إنكار لمنكر ، أو عتاب على ترك الأفضل . والغضب له وظيفة كبيرة في الدفاع عن حرمات الله ودين الله ، وحقوق المسلمين وديارهم ، لكنه إذا ابتعد عن هدي النبي صلى الله عليه وسلم تحول إلى شر وعداوة ، وخلافات وفرقة . والغضب ينقسم إلى نوعين : غضب محمود وآخر مذموم ، ولكل منهما آثاره على النفس والمجتمع ، من سعادة أو شقاء ، وثواب أو عقاب . فالغضب المذموم هو ما كان لأمر من أمور الدنيا ، وكان دافعه الانتصار للنفس ، أو العصبية والحميّة للآخرين .. وهذا الغضب تترتب عليه نتائج خطيرة على صاحبه وعلى مجتمعه ، ومن ثم حذرنا منه الرسول صلى الله عليه وسلم ، وأوصانا بعدم الغضب في أحاديث كثيرة ، ومناسبات عِدَّة ، من ذلك :
قوله صلى الله عليه وسلم : ( ليس الشديد بِالصُّرَعَةِ ، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب ) رواه البخاري . والصٌّرَعة: هو الذي يغلب الناس بقوته. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : ( أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم : أوصني ، قال : لا تغضب ، فردد مراراً ، قال : لا تغضب ) رواه البخاري ، وفي رواية ( لا تغضب ولك الجنة ) رواه الطبراني . أما الغضب المحمود فهو ما كان يغضبه رسول الله صلى الله عليه وسلم لله ولحرماته ، ولم يكن لنفسه فيه نصيب ، وكان بسبب اعتداء على حرمة من حرمات الله ، أو قتل نفس مسلمة ، أو أخذ مال بغير حق ، وغيرها من المحرمات والمحظورات التي نُهِيَ عنها في دين الله ، ففي مثل هذه الحالات كان غضبه صلى الله عليه وسلم . عن عائشة رضي الله عنها قالت: ( ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا قط بيده ، ولا امرأة ولا خادما ، إلا أن يجاهد في سبيل الله ، وما نيل منه شيء قط فينتقم من صاحبه ، إلا أن ينتهك شيء من محارم الله ، فينتقم لله عز وجل ) رواه مسلم . فلم يغضب النبي صلى الله عليه وسلم لنفسه أبدا ، يبين ذلك أنس رضي الله عنه فيقول : ( خدمت رسول الله صلى الله عليه و سلم عشر سنين ، لا والله ما سبني سبة قط ، ولا قال لي أف قط ، ولا قال لي لشيء فعلته لم فعلته ، ولا لشيء لم أفعله ألا فعلته ) رواه أحمد . أما مواقفه صلى الله عليه وسلم التي غضب فيها لله فهي كثيرة ، منها : عن عائشة رضي الله عنها أن قريشا أهمهم شأن المرأة المخزومية التي سرقت فقالوا : من يكلم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم (أي في العفو عنها) ، فقالوا : ومن يجترئ عليه إلا أسامة حب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكلمه أسامة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أتشفع في حد من حدود الله ؟!، ثم قام فاختطب فقال : أيها الناس إنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه ، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد ، وايم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها ) رواه مسلم . ومن مواقفه صلى الله عليه وسلم التي ظهر غضبه فيها ، حين بعث أسامة بن زيد رضي الله عنه في سريّة ، فقام بقتل رجلٍ بعد أن نطق بالشهادة ، وكان يظنّ أنه إنما قالها خوفاً من القتل ، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فغضب غضباً شديداً ، وقال له : ( أقال : لا إله إلا الله وقتلته ؟!، قلت : يا رسول الله ، إنما قالها خوفا من السلاح ، قال : أفلا شققت عن قلبه حتى تعلم أقالها أم لا ؟!، فما زال يكررها حتى تمنيت أني أسلمت يومئذ ) رواه مسلم . وعن عائشة رضي الله عنها قالت: ( دخل عليّ النبي صلى الله عليه وسلم وفي البيت قرام (وهو الستر الرقيق) فيه صور ، فتلوّن وجهه صلى الله عليه وسلم ، ثم تناول الستر فهتكه ، وقال : من أشد الناس عذابا يوم القيامة ، الذين يصوّرون هذه الصور ) رواه البخاري . وشكا إليه رجل إطالة الإمام في صلاته ، ومشقة ذلك على المصلّين ، فغضب صلى الله عليه وسلم حتى قال أبو مسعود : " ما رأيته غضب في موضع كان أشد غضبا منه يومئذ " ، ثم قال صلى الله عليه وسلم : ( يا أيها الناس ، إن منكم لمنفرين ، فأيكم ما صلى بالناس فليتجوز، فان فيهم الضعيف والكبير وذا الحاجة ) رواه أحمد . بل كان يغضب صلى الله عليه وسلم لمجرّد تباطؤ الناس عن الخير، فعن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال : ( خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فحثنا على الصدقة ، فأبطأ الناس ، حتى رؤى في وجهه الغضب ) رواه أحمد . من هذه المواقف وغيرها يتبين لنا أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يغضب ، وفي الوقت نفسه لا يغضب إلا إذا انتهكت حرمات الله ، أو تأخر الناس عن فعل الخير .. لا انتصار فيه للنفس ، ولا مدخل فيه للهوى أو حب الدنيا .. ومن ثم فعلى المسلم أن يتجنب أسباب الغضب ودواعيه ، من الحقد والحسد ، والحرص على الدنيا ، والجدال والخلاف .. وغير ذلك من الأمور التي نهى عنها النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة . هديه صلى الله عليه وسلم في علاج الغضب : الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم ، فالشيطان الذي أخرج آدم عليه السلام من الجنة ، ودفع قابيل لقتل هابيل ، هو نفسه الذي يثير الغضب ، فلا يترك الإنسان حتى ينساق له ويتمثل لأمره ، لذا أرشدنا الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الاستعاذة من الشيطان الرجيم عند الغضب ، لأنه يجري من ابن آدم مجرى الدم . عن سليمان بن صرد قال : ( استب رجلان عند النبي صلى الله عليه وسلم فجعل أحدهما تحمر عيناه وتنتفخ أوداجه (العروق المحيطة بعنقه) ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إني لأعرف كلمة لو قالها لذهب عنه الذي يجد، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ) رواه مسلم . وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال صلى الله عليه وسلم : ( إذا غضب الرجل فقال أعوذ بالله ، سكن غضبه ) . ومن وصايا النبي صلى الله عليه وسلم للغاضب : أن يغير مكانه ، فإذا كان واقفًا فليجلس أو يضطجع ، فعن أبي ذر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس ، فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع ) رواه أبو داود . وفي ذلك علاج لتهدئة النفس ، وإخماد نار غضبها ، لأن الإنسان في حالة الوقوف يكون مهيئًا للانتقام أكثر منها في حالة الجلوس ، وفي حالة الجلوس منها في حالة الاضطجاع ، لذا جاء الوصف النبوي بهذه الوصفة الدقيقة ، التي أكدتها الدراسات النفسية المعاصرة . السكوت وضبط اللسان هدي ودواء نبوي لعلاج الغضب ، لقوله صلى الله عليه وسلم : ( علِّموا ، ويسِّروا ولا تعسّروا ، وإذا غضب أحدكم فليسكت ، قالها ثلاثًا ) رواه أحمد . فإطلاق اللسان أثناء الغضب قد يجعل الإنسان يتلفظ بكلمات يندم عليها بعدها ، ومن ثم أوصى النبي صلى الله عليه وسلم الغاضب بالسكوت ، وأوصى المسلم بوجه عام بقول الخير أو الصمت ، فقال صلى الله عليه وسلم : ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر ، فليقل خيرا أو ليصمت ) رواه مسلم . ومن هديه صلى الله عليه وسلم في علاج الغضب كظمه بالحلم والعفو ، ولا شك أن ذلك يفتح أبواب المحبة والتسامح بين الناس ، ويسد أبواب الشيطان التي يمكن من خلالها أن يدخل بين المسلمين ، فيثير العداوات والبغضاء في صفوفهم ، بل ويرتقي بالغاضب إلى الإحسان إلى من أساء إليه . وهديه صلى الله عليه وسلم القولي والفعلي في عدم الغضب وكظم الغيظ والعفو كثير، من ذلك : قوله صلى الله عليه وسلم : ( من كظم غيظًا وهو يستطيع أن ينفذه ، دعاه الله يوم القيامة على رؤوس الخلائق حتى يخيِّره أي الحور شاء ) رواه ابن ماجه . وقوله صلى الله عليه وسلم : ( ما نقصت صدقة من مال ، وما زاد الله عبدًا بعفو إلا عزًا ، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله ) رواه مسلم . فهذه الأحاديث وغيرها تحث المسلم على عدم الغضب ، بل على العفو والتسامح ، والابتعاد عن الانتقام ، وتبين الأجر العظيم لذلك في الدنيا والآخرة . وعن أنس رضي الله عنه قال : ( كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه بُرد نجراني غليظ الحاشية ، فأدركه أعرابي ، فجبذه بردائه جبذة شديدة ، فنظرت إلى صفحة عاتق النبي صلى الله عليه وسلم قد أثّرت بها حاشية الرداء من شدة جبذته ، ثم قال : يا محمد ، مُرْ لي من مال الله الذي عندك ، فالتفت إليه فضحك ، ثم أمر له بعطاء ) رواه البخاري . هكذا كان هدي النبي صلى الله عليه وسلم ، فهو أَمْلَكُ الناس لنفسه في مواطن الغضب ، إلا أن تُنتهك حرمات الله تعالى ، فعندها يغضب ، فما أحوجنا للامتثال بهديه صلى الله عليه وسلم ، في الرضا والغضب ، بل في حياته كلها . موقع مقالات اسلام ويب
المصدر: منتديات خجلي - من قسم: حياة - صفات - اخلاق - اقوال - رسول الامه |
||||
![]() |
![]() |
#2 |
|
![]()
بارك الله فيك وجزاك خير جزاء
دمتِ بخير |
![]() |
![]() |
#3 |
|
![]()
جُزيتم الجنه على المرور
بارك الله فيكم صلوات ربي وسلامه عليه.. |
![]() |
![]() |
#4 |
|
![]()
|
![]() |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
|
![]() |
||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
علاج جفاف البشرة الشديد | صعب المنال | عالم حواء - العناية بالبشره - رشاقتك - شعرك - تبييض البشره | 1 | 31 - 5 - 2012 04:08 AM |
برنامج تصميم اغلفة السيدي Apollo CD | حنين الروح | برامج - شرح - تحميل - خلفيات وندوز - برامج حماية - مشاكل الكمبيوتر | 2 | 28 - 3 - 2012 09:30 PM |
المكياج الصحيح | عذبة الاحساس | مكياج - ميك اب - تسريحات - عطورات - حناء | 2 | 20 - 3 - 2012 03:59 PM |
قضية الوزير والكاتب صالح الشيحي , تويتر صالح الشيحي | صعب المنال | اخبار عامه - سياسيه - اقتصادية - عالمية - متنوعة | 2 | 22 - 2 - 2012 02:43 PM |
يمثلك الشوق الشديد لناظري | حزن | شعر - قصائد - قصايد صوتيه - همس القوافي - قصائد الشعراء | 2 | 25 - 7 - 2011 02:35 PM |